2011/11/16

بحصة في حمص : حمص المدينة "المنكوبة"

قبل دخولنا إلى حمص حمل أحد الأصدقاء كاميرته وبدأ بالتصوير، وإذ بنا نتفاجئ بأول الحواجز عند مدخل حمص، سارع صديقي إلى حذف التصوير وإطفاء الموبايل فقد كنّا خائفين وحجّتنا في الدخول واهية جداً، لوّح لنا العنصر بالدخول دون أن يطلب الهويات، كان الحاجز عادياً جداً عزوتُ السبب إلى العيد!


دخلنا المدينة وتواصلنا مع الرجل الذي تبّرع باستقبالنا خلال الزيارة والتقينا به في أحد شوارع المدينة  نظر الى السيارة وقال "خلّو الصبايا بالسيارة والشباب تعالوا معي"، أبديتُ أنا ورفيقتي انزعاجاً كبيراً، جلسنا ننتظر ونراقبهم من بعيد ، توجّهوا نحو أحد الجوامع غابوا قليلا ثم خرجوا يتجادلون مع الرجل وعادوا إلينا، أخبرنا صديقنا أنّ في الجامع عزاءٌ لأحد الفتيات قتلت على يد رجال النظام وأخوها في الداخل يتوعّد بتفجير القصر الجمهوري أمام العالم أجمع !!! نعته صديقي بالمجنون !!!

عرض علينا الرجل الحمصي جولة في المدينة، انقسمنا الى قسمين قسم بقي في سيارتي والقسم الاخرفي سيارة الرجل كان أصدقائنا في السيارة الأخرى ذوي الحظ الأوفر فالرجل يخبرهم عن قصص كلّ شارع نمرّ به أمّا نحن نكتفي بملاحقنهم والتفرّج بصمت...
كانت الدولة غائبة تماماً عن المدينة لا شرطة مدنيّة ولا شرطة مرور ولا تقيّد حتى بإشارات المرور،  القمامة اغرقت الطرقات في كل زاوية وشارع، اللوحات الإعلانيّة مكسّرة وممزّقة وتستطيع أن تلحظ هنا وهناك في حائط ما آثاراً لرصاصة طائشة أو رصاصتين..
الوجوه بلا تعبير تركوا التعبير للجدران التي كانت مليئة بكتاباتٍ مُحيت عدّة مرّات لكنّها عادت لتفرض نفسها رافضةً للنظام والرئيس ومستهزئة ب"الرواية الرسمية"، كما رُسم علم الاستقلال كبيراً واضحاً على أكثر من حائط وعلى أبواب المدارس ..

وصلنا الى حاجز آخر كان من الواضح أنّ هذا الحاجز أهمّ من الحاجز السابق فالعناصر أكثر والتفتيش أدق، أوقفوا السيارة فتّشوا كل شيء حتّى أبواب السيارة وأخذوا الهويّات الشخصية...
كان مرافقنا الرجل الحمصي  قد أنهى التفتيش حين حوّل العنصر الذي على الحاجز هوياتنا الى باص كبير يقف على طرف الحاجز من الواضح أنّ من به أعلى رتبة من العناصر الآخرين، توجّهنا الى الباص خائفين نوعا كنّا نعتقد أن في الباص وحدة مخابراتيّة فيها كمبيوتر (مثلاً) وعليه أسماء وبيانات وما إلى ذلك  لكن الخوف زال عندما وبكل سذاجة نظر الضابط الى الهويات ثم حدق في وجوهنا وأعاد الهويّات وأشار لنا بالتحرّك.
لا جهاز كمبيوتر ولا قائمة سوداء ولا غرفة مخابراتيّة فقط سليقة الضابط اكدت له اننا لسنا ممن يبحث عنهم.

في هذه الأثناء غاب الرجل الحمصي مع صديقينا التفتنا يميناً شمالاً ولم نجده فقرّرنا أن نتابع طريقنا حتى لا نثير الشك، خطوات بعد الحاجز وحوالي العشرين عنصر موجهين أسلحتهم نحونا وصلنا الى دوار كبير وشارع ذو اتجاهين مشي الدولاب لخطوات وإذ به يتأرجح بنا. كنا نمشي على بساط من الطلقات الفارغة وعلى الأطراف آثار دبابة خرّبت زفت الطريق...
على يميننا بناء تداعت زاويته تثبت لك خطوات أخرى أنّه ليس الوحيد "المنكوب" في الشارع، أبواب البيوت مليئة بثقوب الرصاص، شرفات المباني مصدّعة وثقوبٌ كبيرة في كلّ واجهات المحلّات المعدنيّة ومن بين الثقوب عيون ترصدنا باستغراب شديد فنشعر أنّنا  الأحياء الوحيدين في شارع موت.
وصلنا إلى نهاية الشارع فوجدنا دبابة إلى اليمين وجهت فوّهتها إلى الحي وتأهّب الجندي بجانبها عند اقترابنا، هنا تأكدنا أنّه لا بدّ من مكالمة صاحبنا الحمصي لنعرف أين هو أو أين نحن ! كنا نخبره أنّنا وصلنا إلى مقبرة لم يتعرّف عليها حين انقطع الاتصال فجأة ليتركنا مذهولين، عندها قررنا أن نعود أدراجنا من نفس الطريق فما بعد المقبرة طريق ترابي أشبه بطريق إلى خراب..

تراجعنا وفوّهة الدبّابة ترقبنا كما العيون المختبئة ، استطعنا مكالمة الرجل الحمصي بعد عودة الاتصالات، عندما التقينا سألناه عن تفسيرٍ لما شاهدناه أخبرنا أنّ هذا الشارع أقل "نكبة" من شوارع غيره في حمص كان اسم الشارع جورة العرايس ....


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

انا من فلسطين لكني اشعر باني في سورية رغم كل الالام في فلسطين الا انني اتالم اكتر لسورية
اكتر مما تتخيلون
اكتر بكثييييييير من كل ما يمكن ان يشعر به انسان بانسان اخر
ما السر في ثورتكم ايها السوريين ؟؟