2011/10/26

لم يعد الصمت ينفع بعد اليوم .... الحرية للمدوّن حسين غرير


"لم يعد الصمت ينفع بعد اليوم، لا نريد وطناً نسجن فيه لقول كلمة، بل وطناً يتسع لكل الكلمات".

آخر ما طالب به المدون السوري حسين غرير على مدونته, وها نحن اليوم ندوّن بأسى خبر اعتقال زميلنا حسين، من دون معرفة أسباب الاعتقال أو المكان الذي تم اقتياده إليه.

حسين, ذو الثلاثين ربيعاُ, متزوج وأب لطفلين, شارك في العديد من حملات التضامن مع الأخوة الفلسطينيين في حرب الكيان الصهيوني على غزة, ودوّن عن حرب الكيان ضد لبنان في 2006 وكان من البارزين في تنظيم حملة "مدونون سوريون من أجل الجولان المحتل" منذ سنوات, والمشاركين في حملة اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف.

رُهاب الحرّية والكره العميق للأحرار هو ما يجعلهم يعتقلون حسين، الكلمة هي سلاح حسين وسلاحنا، ونريدها أن تكون سلاح جميع أنصار الصوت مقابل الصمت. ندعوكم لرفع الكلمة وإعلاء الصوت من أجل حرّية حسين غرير وحرّية جميع معتقلي الرأي وأسرى الضمير في زنزانات سوريا.

نطالب السلطات السوريّة بالكشف عن مصير حسين وجميع أصدقائنا، عرفناهم شخصياً أم ﻻ، من أسرى الرأي والإفراج الفوري عنهم لما في اعتقالهم من مخالفة للقانون ولحقوق الإنسان، ونطالب أيضاً بوقف اﻻستقواء المخزي على أصحاب الرأي والكلمة. فالقوّة العمياء، مهما كبر حجمها، تبقى عمياء: تتعثر بنفسها وتسقط ...

عشتم وعاشت سوريا



2011/10/20

وداعاً علاء ... شهيد الإنسانيّة

عدت إلى المنزل مساء السبت وكان قد زال الشعور بالاضطراب وبدأ المظهر الدمويّ بالتلاشي لأتذكّر اللحظات الجميلة التي مرّت خلال التشييع، تذكّرت لحظة فشلتُ في تقدير عدد المشيّعين ، تذكّرتُ لحظة حملتُ النعش وودّعت الشهيد، ولحظة رفرفت بالعلم السوري وكأنّه علم بلادي الأولى، أجل كنتُ فرحةً بعض الشيء رغم الثلاثة شهداء ودماء الجرحى على ساعدي.
وصلتُ إلى ناصية الشارع حيث أسكن فوجدتُ عزاءً خجولاً ، كان بادياً على وجوه الناس أن الميّت قد مات حديثاً،فالنعوات لم تُلصق على الجدران بعد، ولم يحتشد غير بضع رجال أمام منزل، حسبته شيخاً هرماً من شيوخ حارتنا، أخفضت مذياع السيّارة وتوجّهت إلى المنزل، ماهي نصف ساعة حتى أتت صديقة لأمي لتخبرها أنّ من مات في حارتنا هو شاب في مقتبل العمر و سمعت همساتٍ غريبة بعدها... ماذا ؟؟؟ كأني سمعت كلمة "الميدان" !!! ركضتُ إلى صديقة أمي طالبةً منها أن تعيد على مسامعي ما قد قالت توّاً، وإذ هي تزفّ لي خبر استشهاد شابٍ بطل من حارتنا في تشييعٍ لطفلٍ في منطقة الميدان المجاورة.
أصبتُ بالذهول للحظات، تبعَتها لحظاتٌ من الصمت، وقفت في نصف الغرفة عاجزة عن أدنى ردّة فعل، كيف أهلع أو أبكي أو حتّى أحزن وأنا لا أعرف الشابّ أصلاً، إن أيّ تصرّف منّي قد يثير شكوك أمّي النائمة، وهي لا تعرف أصلاً أين قضيتُ يومي وماذا كنتُ أفعل...
سحبت نفسي شيئاً فشيئاً خارج الغرفة وخطواتٌ قليلةٌ فقط استطاعت قدماي إنجازها، وصلتُ إلى غرفتي وأجهشتُ بالبكاء...
علاء اليوم كان حولي وربّما دافع عني للحظات عند التدافع ، ربّما كان هو من رجاني أن أتراجع خوفاً على سلامتي، ربما كان جريحاً وكان من المفترض أن أسعفه مع من أسعفت، لو تسنّى لي معرفته، ليس بالضرورة مصادقته، لو تسنّى لي فقط أن أعرف وجهه لربّما كنت ركضت باتجاهه لحظة أُصيب، كنتُ قد استطعت إنقاذه وإعادته إلى حضن أمّه مساءً... طلقةٌ في الرأس ؟؟ لن أستطيع إنقاذه ؟؟ حسناً ربّما استطعتُ حمل سلامٍ لأمّه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة...
قتلني الشعور بالذنب، وقتلني أكثر تخيّلي لحال أمّه الآن، كيف قد تشعر تجاهي عندما تعرف أنّي كنت مع علاء وعُدتُ من دونه؟؟ هل ستصفعني؟ هل ستكرهني؟ هل ستعاتبني؟ أم أنها ستكتفي فقط بتقبيل جبيني والدعاء لابنها بالرحمة ولي بالسلامة ؟!!!!!!!!
هي الآن على بعد أمتار منّي، كلانا نبكي بصمتٍ وحرقة لكنّ أحدنا لا يسمع الآخر .. سامحيني أم علاء كان على ابنك أن يكون أكثر شقاوة في صغره كأن يلاحقني وأنا عائدة من المدرسة مثلاً، كنت قد عرفته حينها وعدت معه اليوم ليكمل تسكّعه في حارات اليرموك ويقصّ على الأطفال بطولاته في تشييع ابراهيم...


ما حصل بالتحديد بعد استشهاد علاء:
  • تمّ زيارة عائلة علاء من قبل الأمن السوري وإجبارهم على عزو استشهاد ابنهم إلى حادث أليم،  وإجبارهم على دفنه دون تشييع.
  • أقاربه وأصدقاؤه من اليرموك والميدان أصروا على توديعه بمراسم تشييع تليق به، كتلك التي استشهد خلالها، وحشدوا الناس لهذا التشييع عبر مواقع التواصل الاجتماعي. (الدعوة هنا)
  • اجتمع المشيّعين عند الجامع المجاور لمنزل علاء عند وقت صلاة الظهر أملاً بتشييع صديقهم ليكتشفو أن علاء قد دُفن باكراً صباح الأحد تحت حراسة الشبّيحة والأمن.
  • استنكر الأصحاب الموقف وخرجوا بمظاهرةٍ عبّرت عن مساندة اللاجئين الفلسطينيين لإخوانهم السوريين ووحدتهم معاً، كما طالبت بإسقاط النظام ورحيل يشار الأسد. (المظاهرة هنا)
  • تم تفرقة المظاهرة بعد قليل من قبل أمن المخيم وشبّيحته.
  • لم يتسنّى لأهل علاء وضع خيمة عزاء لاستقبال التعازي على روح ابنهم حتّى يوم الاثنين.
لماذا ؟؟؟
  • لأنّ الموقف الرسمي للفصائل الفلسطينيّة ومنذ بداية الأحداث في سوريا هو الحياد، فاللاجئون الفلسطينيون "ضيوف" في سوريا وعليهم ألا يتدخّلوا في شؤون مضيفيهم...
  • لأنّ ما يقارب ال 600 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا هم حجّة الممانعة الوحيدة للنظام السوري، بسبب فقدانه القدرة على الدفاع أو المطالبة أو حتّى الحديث عن الجولان المحتل...
  • ولأنّ علاء لم يستطع عزل نفسه عمّا يحصل في سوريا (كحالي وحال الكثير من الشباب الفلسطيني اللاجئ في سوريا)، ولأنّه استمع إلى صوت الإنسان في داخله...
لكلّ هذه الأسباب وكثيرٌ غيرها كان على أمّ عل أن تودّع ابنها بهذه الطريقة ... وكان لا يتعبني في الليل إلّا صمتها .....



2011/10/18

ابراهيم شيبان بين ألم الفراق وفرحة الوداع

ابراهيم شيبان الطفل ذو التسعة أعوام... لن أجادل سبب وجوده في ذلك المكان، سأعزوه إلى الفوضى العارمة التي تصيب أيّ مكانٍ تتناثر فيه الطلقات بجشع ، لن أجادل نفسيّة القنّاص فالسبب هذه المرّة هو العمى بالتأكيد، قُضي الأمر وسقط الطفل شهيداً .
لم يسقط في بساتين درعا أو شواطئ اللاذقية، إنّما سقط بالقرب منّي وعلى بعد حيّ واحد، عارٌ عليّ ألاّ أخرج لوداعه، ذلك كان ما يشغل تفكيري طوال يوم الجمعة ...
لملمت نفسي يوم السبت وتوجّهت إلى الميدان حيث سنلقي نظرة الوداع على ابراهيم، وفي جامع الدقّاق بالتحديد (أتذكروه؟)
كنت أمشي أنا ورفيق لي ببن الحارات الدمشقيّة وشدّني الحنين إلى صديقي الثائر المعتقل منذ 42 يوم فلطالما احتضنتنا هذه الحارات سوية نهتف بإسقاط النظام نركض للبقاء ونختبئ في الجوامع.
كانت الحارات خالية تماماً إلاّ من بعض المارّة الاعتياديين لم يكن هناك أيّ أثر للأمن أو قوّات حفظ النظام أو حتّى "العواينية". انتابني شعورٌ غريب و هدّد رفيقي بأن يترك التشييع إن لم يكن هناك عدد جيّد من المشيّعين فالشهيد طفل وهو قد سئم التخاذل.
 وصلنا إلى الجامع وإذ بالحارة تعجّ بالنسوة والمسجد من الداخل يعجّ بالمصلين، لم يكن هناك موطئ قدمٍ في صحن الجامع. كان التجهّم والغضب باديين على كلّ الوجوه، حتى أنّ بعض الشبان بدأوا بالتكبير قبل أن يبدأ الإمام صلاة الوداع.
انتهت الصلاة وحُمل ابراهيم على الأكتاف  لحظاتٌ هي حتّى وجدت نفسي بين جمعٍ غفير لا أوّل له ولا آخر،لا تسألوني عن العدد لن أستطيع حصره هو حتماً فوق العشرة آلاف مشيّع، بدأ التشييع بالتكبير وما إن وصلنا الشارع العام حتى استبدلناه بإسقاط النظام وبدأ العرس الدمشقي زغاريدّ وحلقات رقص، أهازيجٌ درعاويّة وألحانٌ قاشوشيّة وفي كل جزء من التشييع قصّة، لم نكن نريد لهذا العرس أن ينتهي، حرصنا جميعاً أن تشبع الحارات الدمشقيّة من ابراهيم وأن نودّعه أفضل توديع فكان لنا رقصةٌ في كل موطئ قدم.
كان الناس على مد النظر من كلّ الأطياف صغاراً كباراً، نساء رجالاً، قيل أن ممثلاً شارك في التشييع أيضاً، وشاهدت بعض اليساريين الذين لم يسبق لي رؤيتهم في الميدان، الكلّ غاضبٌ ساخطٌ ناقم الكلّ ثائر، و الحضور النسائي كان مشرّفاً يومها، حتى أنّ بعض السيدات كنّ قد أحضرن فتياتهنّ اللاتي بعمر ابراهيم لوداعه، وكم قلقت على هؤلاء الفتيات ! لكن لِمَ القلق ؟؟ فأنا وحتّى الآن لم أر عنصر أمن أو حفظ نظام واحد.
تابعنا المسير حتّى ساحة الأشمر كنّا نقترب من المقبرة شيئاً فشيئاً ويزداد بنا التشبّث بابراهيم وكأنّنا لا نريد دفنه، وصلنا إلى المقبرةوهناك فررنا أن يكون القسط الأكبر من التشييع، كان الرجال يحملون ابراهيم ويدورون به إلى أن اقتربوا كثيراً مني فقررت رفع يدي لأحمله معهم، انتبه الرجال إلى يدي الخجولة وأفسحوا لي الطريق حتى أنهم أخفضوا مستوى التابوت ليتسنى لي رفعه معم، صدقوني لم ولن أعرف ماهية هذا الشعور الذي انتابني وأنا أحمله، وصل بعض الشباب واستغلّوا انخفاض التابوت ليغطّوه بالعلم السوري وأكملنا الدوران بالنعش الصغير، ثم سحبنا العلم ووقفنا أمام باب المقبرة نرفرف به على مستوى قريب من الأرض، ولاح لنا من بعيد بعض الشبّيحة الذين نعرفهم جيداً يقفون خلف المقبرة، فما كان منّا إلا أن اهديناهم أغنية " يلعن روحك يا حافظ "!!! 
طلب البعض أن يُدفن ابراهيم ونتّجه إلى الساحة للاعتصام، وأراد البعض الآخر البقاء والاعتصام مع ابراهيم أمام المقبرة، إلى أن انتصر الفريق الأول ودُفن ابراهيم مع الزغاريد والدموع، على سور المقبرة حجر نُقش عليه اسم حافظ الأسد كسره شاب صغير ووضع صورة ابراهيم مكانه.


ونحن عائدون للاعتصام في الساحة القريبة علا هرجٌ ومرجٌ داخل المظاهرة ( يُقال أنّهم وجدوا أحد العواينية) وبنفس اللحظة سمعنا إطلاق رصاص من طرف المقبرة وما هي إلا لحظات حتى مرّ أوّل الجرحى من أمام عيني، كان داخل سياّرة ولم أستطع معرفة مدى اصابته بالتحديد لكنّها كانت كفيلة لأن صرخت برفاقي ارجعوا على المقبرة هي أوّل واحد يا شباب ، وفتاةٌ إلى جانبي صرخت " شهيد شهيد " ، أصيب أحد الشباب بالهلع ورجانا (نحن الفتيات) بالابتعاد، لكنّنا أصرينا على البقاء وجمعنا من استطعنا وركضنا جميعاً عائدين باتجاه المقبرة تحت صوت الرصاص والتكبير، لم نستطع الاقتراب كثيراً وبعيداً على مرمى النظر سقط شاب أمام أعيننا و اشتد إطلاق النار ونحن في نقطة قريبة جداً ، صرخ بنا الشباب ثانية أن ارجعوا فصرخت : " ما اجيت لحتّى أرجع " ، وفي محاولاتنا لإعادة التجمّع والتّظاهر اشتدّ إطلاق الرصاص أكثر فأكثر وبدأ الجرحى بالسقوط في كلّ مكانٍ من حولي، ولا يزال بعض الشباب لوحدهم قريبين جداً جداً من مكان تواجد الشبيحة،
تراجعنا حتى بداية كورنيش الميدان لنرافق الجرحى ، أول الجراح التي استقبلتها هناك شابٌ أصيب في قدمه حمله الشباب وركضوا به باتجاه حارات الكورنيش، عندها قام بعض الرجال بقطع طريق الكورنيش مستخدمين حاويات القمامة لتحويل طريق السير، لأنّ الشبيحة اقتربوا جداً والجرحى يزدادون، بعدها أقبل شابٌ والدمّ يغطّي وجهه ركضت إليه ونال يديّ قسطٌ من دماءه التي كانت تنفر بشدة، كان قد أصيب بحجر في رأسه ويحتاج لعض القطب، جريحٌ اخر فتى لا يتجاوز الخامسة عشر أُصيب بطلقةٍ في باطن ساعده كان خائفاً جداً وسقط مغمى عليه بين قدمي، وعندما لففنا يده وحمله الشباب كان يصرخ : "لا تصوروني لا تصوروني" أدخلوه إلى أحد المباني، والتفتُ لأجد طفلاً لا يتجاوز الحادية عشر يصرخ: "خطفوه للشب اللي مات خطفوه ، كلّون معون مسدسات " ورفع كنزته ليكشف لي عن جرح طفيف في خاصرته، عندها كان قد وصل الشبّيحة إلى الكورنيش وبدأنا جميعاً بالركض للاختباء والتواري ولا يزال المكان خالياً من الأمن وقوّات حفظ النظام.

ونحن خارجون أنا ورفيقي من الميدان مررنا بشارع ميدان أبو حبل. همس لي أحد الأشخاص : " مشان  الله وصلوا صوتنا" ، كلّ تلك الشجاعة والثبات التي غمرتني في الساحة تلاشت وأجهشتُ بالبكاء. بعد قليل وفي الشارع المجاور شاهدت خمس سيارات على الأقل تابعة لقوات الحرس الجمهوري وبالعتاد الكامل تتجه باتجاه المكان الذي كنّا فيه.

خرجنا يومها لنودع ابراهيم فعدنا بدماء ثلاثةٍ آخرين، الكثير من الجرحى  وبعض الدموع، لكن جزءً يسيراً من قلبي كان يتراقص فرحاً، فرحاً بالجموع الغفيرة فرحاً بالثبات والإصرار والشجاعة التي شهدتها الساحة ، فرحا باستيقاظ الشام بعد قيلولة...
 
تابعونا فللقصة دوماً بقيّة .....

2011/10/02

#FakeBomb كشفناكون


منذ بداية الحراك في سوريا حرص الإعلام السوري على تقفّي إعلام الحراك ومتابعته بدؤب، حتى أنه جيّش فرقاً كاملة في غرف عمليات مجهّزة بأحدث إصدارات برنامج الفوتوشوب المعدّ خصيصاً لكشف فبركة الفيديوهات،  ليخرجوا إلينا يومياً بسيل من التحليلات الدقيقة المحترفة تدحض كل الفيديوهات والصور والمعلومات التي تبثّ عبر وسائل إعلام الثورة وشبكات الناشطين السوريين ، ويقدموها عبر برامج عالية المهنية تحت عنوان كشفناكي.

كما قد تدرّبت أجهزة الإعلام السورية على فنون القصة القصيرة والطويلة والروايات وكتابة سيناريو المسلسلات التركية والأفلام الهندية لكي تستطيع دبلجة همهمات المجانين وقطّاع الطرق والمساجين السابقين في سجون الإجرام لتوصلها إلينا تحت عنوان اعترافات ( مخربين ، مندسين ، عملاء اسرائيلين وحتى مغرر بهم ......)

كل هذا في كفّة وتصريحات كبار المسؤولين ومهاراتهم في المحي وتكسير الرؤوس وتنسيق الملفات ضمن فلاشات  الجيب والتساقط عن الكراسي في كفّة أخرى

" ببساطة يعني شرشحونا ئدام الخلئ "

اليوم وبعد ستة أشهر ونيف من تدرّب الجهاز الإعلامي - الأمني على الفنون السابق ذكرها استطاع إتحافنا بفيلم وثائقي أشبه إلى أفلام الحياة الواقعية بالصوت والصورة والمؤثرات الطبيعية والعفويّة.

يصور الفيلم ثلاثة من عناصر جهاز الهندسة قد هرعوا إلى مكان اشتُبه فيه بوجود عبوة ناسفة وضعها "الإرهابيين" لإثارة القتل والرعب والدماء بين صفوف المتجمّعين الأبرياء.

يصل عناصر الهندسة بلباسهم المدني الكامل ومن كثرة لهفتهم لإنقاذ المدنيين الأبرياء ينسون أو يتناسون أسس السلامة والطوارئ ويركضون لاحتضان القنبلة وتفكيكها دون اتخاذ أي اجراء سلامة او احتراز، اللهم إلا بعض النظارات الشمسية (للوزان والميازة)، مؤمنين بقدرتهم اللامتناهية على التعامل مع أعنف القنابل وتفكيكها بثوان أقل من معدود.


لنتغاضى أولاً عن التخلّف النوعي الذي أظهره جهاز الهندسة  في التحضر لعملية تفكيك المتفجرات ولنتغاضى أيضاً عن عدم وجود أي تجهيزات مساعدة (كروبوت مثلاً كما يفعل  اخواننا الأمريكان او حتى مفك براغي بدل الشاكوش ) ، ولنتغاضى أيضاً عن مدى الاستهتار الذي أظهرته السلطات بحياة هؤلاء المفككين الذي تبين بعد قليل أنهم أبناء عالم وناس وعندون ولاد كمان ، ولنحمد الله تعالي على وجود التلفزيون السوري بالصدفة والعفوية والجاهزية التامّين لينقل لنا الحدث بالصوت والصورة ويوثّق هذه العملية الاستشهادية

بعيداً عن العواطف، وبعد الصلاة لأرواح الشهداء الطاهرين، دعونا نشاهد الفيلم مرة أخرى بتجرّد وتدقيق  فنلاحظ ما يلي :

أولاً: لحظة الانفجار (لننسى مسألة التقنية العالية والاحترافية المستخدمة في توقيت الصوت) خرج بخار ناصع البياض من القنبلة وليس نار أو غاز أو دخان انفجاري.
 
 ثانياً: فريق التفكيك بقي يعمل لوهلة رغم انفجار القنبلة  بدل أن يطير بعيداً بفعل الانفجار (شغّيلين الشباب خدمة 24/24)

ثالثاً:  البخار تصاعد من جهة اليمين وليس من نقطة وجود القنبلة المزعومة.



رابعاً: تمزّق لباس أحد المفككين بالكامل بفعل الانفجار لكن لا أثر لوجود الدماء أو الجروح على الساق المتفجّرة.

خامساً: جثث الضحايا تساقطت في نفس موقع الانفجار دون التحرّك بعيداً ولو قيد أُنملة (الله محيي الثابت).




طبعاً أنا ما بفهم بالفيديو والفوتوشوب وهي الصرعات كتير جزيل الشكر للعزيز Anonymous Syria لتحليل المقطع وإخراج الصور بحلتها المرفقة.

منعتذر من التلفزيون السوري لأنو أحبطنا براعم تجربته السينمائية ومنحب نبشرو أنو Anonymous Syria وراك بالمرصاد ... وكشفناكون ...